أين هي الأيدي النظيفة ؟

صدر قانون الاثراء غير المشروع في 27/11/1999 في عهد الرئيس اميل لحود والرئيس سليم الحص. وهو يتناول في مادته الاولى الاثراء الذي يحصل عليه الموظف او القائم بخدمة عامة والقاضي وشركاؤهم بأية وسيلة من الوسائل غير المشروعة، ويجيز، في مادته الثانية، ملاحقة كل الموظفين والقائمين بخدمة عامة بمن فيهم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء والوزراء والنواب والقضاة واعضاء المجلس الدستوري.

وعندما يتم تحريك دعوى الاثراء غير المشروع ضد كل من يشتبه بأنه ارتكب الافعال المذكورة فإنه يجدر طرح السؤال: أين هم اصحاب الأيدي النظيفة الذين يمكنهم ملاحقة المرتكبين من اصحاب الأيدي الوسخة ؟

ذلك ان تطبيق قانون الاثراء غير المشروع لا يتم الا عن طريق النظام القضائي ابتداءً من النيابة العامة وانتهاءً في محكمة التمييز، أي بواسطة القضاة الذين تم تعيينهم من رؤساء الجمهورية ومجالس الوزراء وذلك بعد أخذ خاطر سائر القائمين بخدمة عامة والزعماء السياسيين الذين لا يتولون مناصب رسمية. وذلك ان القانون المذكور اوكل الى القضاة أمور الملاحقة والادعاء والتحقيق والمحاكمة على درجتين ضد من عينهم او سماهم او وافق على تعيينهم.

فتكون الخطوة الاولى والمسبقة والضرورية والتي لا بدّ منها لوضع قانون الاثراء غير المشروع موضع التطبيق في وجه اصحاب الأيدي المشتبه بأنها وسخة، ولإثبات جديتها، تولية القضاة اصحاب الأيدي النظيفة والعقول غير الملوثة والمتميزين بالمعرفة والشجاعة المعنوية والجسدية هذه المهمة الشاقة، وإن تطلب الامر تعيين قضاة جدد.

وهذا يتطلب، وايضاً بصورة ضرورية ومسبقة، ان يكون من يتولى اختيار القضاة اصحاب الأيدي النظيفة وتوليتهم أيضاً من اصحاب الأيدي النظيفة.

وإذا وضعنا هذا الامر في إطاره الصحيح فإن الشرط المسبق لتولية اصحاب الأيدي النظيفة تطبيق قانون الاثراء غير المشروع اجراء تطهير شامل في القضاء. وهذا ما يتطلب، بصورة مسبقة وضرورية، تطهيراً شاملاً في المراجع التي تمارس السلطتين التنفيذية والتشريعية وتقع تحت طائلة قانون الاثراء غير المشروع، وذلك بإحترام قاعدة: “ كلهم يعني كلهم ”، أي بلا استثناء احد من دائرة الشبهات

وكل ذلك يتطلب اعادة بناء شاملة انطلاقاً من استفتاء شعبي يهدف الى تطبيق قاعدة: “ كلهم يعني كلهم ” للموافقة على حظر تولي المناصب العامة لكل من تولاها منذ فجر الاستقلال وذلك مع عائلته وذريته، وإقامة حكومة مؤقتة من اصحاب الأيدي النظيفة الذين يختارهم الشعب بناءً لسيرتهم الذاتية وتكون مهمتها اعادة تكوين السلطات الدستورية كافة ووضع البلد على الصراط المستقيم.