عن العصبية في القضاء

نشرت جريدة الأخبار صباح اليوم مقالاً إفتتاحياً بتوقيع رئيس تحريرها السيد ابراهيم الأمين تحت عنوان : ‘‘معركة تطهير القضاء من الفساد ’’ جاء فيه :

هكذا ، وببساطة شديدة ، يمكن أن يصل المواطن عندنا إلى خلاصة مفادها أنه بعد كل الذًل الذي يصيبه جراء الفساد القائم ، لا أمل له في سلطة القضاء .

والأمر هنا ، ليس ناجماً عن القوانين الجائرة ، التي تشارك السياسيون الفاسدون ، في بقية السلطات ، في منع تطهيرها من آليات التعسف و ‘‘ السلبطة ’’ التي تمنع أي نوع من الرقابة العامة ، ما يجعل المواطن يقف أمام خيارين :

إما الخضوع لقواعد اللعبة ، ومن الأفضل في هذه الحالة أن يكون شريكاً في لعبة الفساد ، فينال حصته من المغانم، وإما اللجوء إلى سلطة حقيقة ، يراد لها أن تكون شكلية ، وإسمها الصحافة ووسائل التواصل العام ، لأجل رفع الصوت ، وخوض المواجهة مع كل الفاسدين ، في كل مفاصل المجتمع الإقتصادية والمالية والأمنية والإجتناعية والسياسية والقضائية معاً .

لكن حالتنا ، والحاكم بأمر قضايا المطبوعات ، وكيفية التعامل مع كل ملفات النشر ، وسلوك مجلس القضاء الأعلى نفسه، والمداخلات القائمة بقوة من قبل مراجع قضائية سابقة ، كلها توجب توضيح بعض الأمور …..

المشكلة الكبرى ، والتي يجب لفت الإنتباه إليها بقوة اليوم ، هي أن في الجسم القيادي للقضاء في لبنان صار راغباً في خلق عصبية ، وكأن السلطة القضائية صارت نادياً ، يوجب التعاضد والتضامن بين أفراده ، ولو على مسألة غير حق. وبات علينا الجميع ، من رئيس مجلس القضاء ، إلى النواب العامين جميعاً ، إلى القضاة في غرف مختلفة ، عن سر هذه الخطوات التي خلقت فرقة متخصصة للرد على الإعلاميين ، بدل التحقيق في إدعاءاتهم ، إلا إذا كان المقصود عدم الركون إلى نتائج التحقيقات ، كما هي الحال مع القاضية يقظان ، التي أدانها التحقيق ، وأصدر بحقها قرارات ( الله أعلم إذا كان المعنيون قد أبلغوها نتيجة الحكم أم لا ) . ثم ما هو المبرر ، لكي تنطلق حملة من داخل مجلس القضاء ، توجب على الجميع حماية أي قاض عرضة لمساءلة من هنا أو هناك ؟ هل بين القضاة من يريد تحول هذه السلطة إلى سلطة شبيهة ببقية السلطات في البلاد …. إذا كان كذلك ، فعلى من يفكر في هذا الأمر أن يتحمل وزر فعلته ، ولا يسرّ كثيراً إن قال له مرجع قضائي سابق إنه في موقعه الإستشاري الحالي يمكنه مساعدته أو خلاف بذلك .

نحن نعرف الغالبية من هذا الغالبية من هذا الجسم . نعرف كيف تصرفت في أمور كثيرة . ونعرف الصالح من الطالح . ونعرف أن معظمه يريد أن يكون القضاء سلطة محترمة ، تسهر على تطبيق العدالة . ولن نقع في فخ أن نفقد الأمل بالسلطة القضائية ككل ، وأن نعتبرها بكل ما فيها خصماً وجبت مقارعته .

لكن الأمر لا يتوقف على أن ما نريد القيام به سوف نقوم به ، بل على ضرورة أن ينتفض قضاة من الذين يقولون لنا ولغيرنا كلاماً فاقعاً في السر ، لكنهم يخشون على وظائفهم فيصمتون في العلن . وعلى هؤلاء ، ليس الإختيار بين عادل وظالم ، بل بين كرامتهم وبين إحتقارهم لأنفسهم ….