مهمة القاضي هي تطبيق القانون لا انتهاكه وفي 8 آب 2003 تم حجز حريتي بإنتهاك القانون

يظهر ان معظم اللبنانيين قد نسوا ما حل بأهلهم وبلادهم في الفترة ما بين العام 1975 والعام 1991 من قتل جماعي وتدمير شامل وسلب للحقوق والاموال. وفي تلك الايام السيئة كان يوجه إليّ دائماً السؤال: ما هو الحل ؟ فكان جوابي دائماً: فليطبق القانون !

يظهر ان معظم اللبنانيين قد نسوا ما حل بأهلهم وبلادهم في الفترة ما بين العام 1975 والعام 1991 من قتل جماعي وتدمير شامل وسلب للحقوق والاموال. وفي تلك الايام السيئة كان يوجه إليّ دائماً السؤال: ما هو الحل ؟ فكان جوابي دائماً: فليطبق القانون !

ولسوء الحظ، فإن هذا السؤال ما يزال مطروحاً وأنني ما زلت أعطي له ذات الجواب. وفي المبدأ فإن مهمة تطبيق القانون مناطة بكل من يتولى سلطة بموجب الدستور، من رئيس الجمهورية الى أصغر موظف. لكنهم يخضعون جميعاً للسلطة القضائية التي يتولاها القضاة. وعلى هؤلاء التقيّد بالقانون وتطبيقه على انفسهم وحتى على زملائهم أولاً ثم وبكل تأكيد على سائر الناس، وكل ذلك بالسواء.

وبدوره فإن المحامي يسعى ايضاً الى تطبيق القانون من وجهة نظر موكله والتعاون مع القاضي في تحقيق رسالة العدالة.

في 8 آب 2003 تم حجز حريتي بناءً لأمر النائب العام التمييزي آنذاك عدنان عضوم بمخالفة النص الصريح للقانون واستمر هذا الاحتجاز حتى 29 منه (قضيت بعضاً منه في نظارة قصر العدل والبعض الآخر في سجن روميه) وذلك للتحقيق معي في الشكوى المقدمة ضدي في 4 آب 2003 من جانب نقيب المحامين آنذاك ريمون شديد.

وفي 9 آب 2003، وبناء لتلك الشكوى، أصدر النائب العام الاستئنافي في بيروت آنذاك جوزف معماري ورقة طلب ادعى عليّ فيها بمخالفة المواد 110 و111 من قانون تنظيم مهنة المحاماة والمادتين 391 و393 من قانون العقوبات طالباً من قاضي التحقيق المناوب توقيفي وجاهياً !

وكنت، ولدى تسلمي دعوة خطية من رئيس قسم المباحث الجنائية آنذاك العميد ابراهيم جبور للحضور الى هذا القسم، التابع مباشرة للنائب العام التمييزي، ومقره الطابق الارضي من وزارة العدل “ من أجل استماعك في قضية عدلية ” من جانب المقدم فؤاد عثمان، ادركت ماهية تلك القضية لكنني ذهبت للاستماع وكلي ثقة ان القانون هو مائة بالمائة الى جانبي. فتبين لي ان المحامي الياس ابو عيد كان قد سبقني يوم 6/8/2003 بصفته “ وكيلاً لنقيب المحامين ومجلس النقابة ” واعطى افادة مؤيدة لمضمون الشكوى ومعبراً عن السبب المباشر لتقديمها وهو، كما جاء على لسانه:

“حيث قام (المشكو منه أي أنا) في 1/8/2003 بزيارة البطريرك صفير معلناً عن نفسه بأنه مرشح لمركز نقيب المحامين في بيروت.”

لكنه لم يقل السبب الاصلي لتقديمها وهو قيادتي للحملة من اجل النزاهة في القضاء وتوليّ الدفاع، منذ أوائل التسعينات، عن معتقلي الرأي ولا سيّما أمام المحكمة العسكرية.

ولدى استماعي من جانب المقدم عثمان فإنني ادليت اولاً بحصانتي المهنية بموجب المادة 79 ت.م.م. وانني سددت اشتراكي النقابي عن العام 2003 في 1/4/2003 كما يتبين من صورة الايصال التي ابرزتها له وان زملائي قاموا بترشيحي نقيباً للمحامين في الانتخابات النقابية المقبلة وأن آخر وكالة لي مسجلة في النقابة تم تسجيلها في 24/7/2003، وان القرارين التأديبين المزعومين ضدي غير مشروعين وهما موضوع استئناف مقدم مني امام المحكمة التي تقيمها المادة 108 ت.م.م. التي تجيز الطعن بالقرارات التأديبية وان المادة 111 ت.م.م.، التي تبين لي فيها بعد ان جوزف معماري استعملها ضدي، تمنع ملاحقة المحامي الذي مارس المحاماة بعد منعه من ممارستها مؤقتاً أو نهائياً إلا إذا تكرّس هذا المنع بقرار مبرم اي غير قابل لأي طريق من طرق الطعن.

وبالطبع فإن المادة 110 ت.م.م. والمادتين 391 و391 عقوبات لا تنطبق عليّ لأنني لست دخيلاً على مهنة المحاماة بل أزاولها بحق منذ العام 1960 ورقمي النقابي هو 1475 وكنت استاذاً للحقوق وقد تتلمذ عليّ قضاة كبار.

خرجت من سجن روميه في 29 آب 2003 بقرار من قاضي التحقيق المناوب مالك صعيبي بعد مماطلة لئيمة لتأخير تحريري شارك فيها نفر من القضاة وبعد تدخل كبرى مؤسسات حقوق الانسان الدولية واللبنانية ونشر المقالات المؤيدة لي في الصحف اللبنانية والاجنبية وأهم من ذلك كله استنكار عدد كبير من المحامين الزملاء للاعتداء الذي تعرضت له والذي يؤلف جناية المادة 367 عقوبات التي نصت على ما يلي:

“ كل موظف اوقف او حبس شخصاً في غير الحالات التي ينص عليها القانون يعاقب بالاشغال الشاقة المؤقتة.”

وبفضل ما لقيته من دعم من زوجتي وأولادي وكثرة من أصدقائي ومن سائر المواطنين.

وفي 25/6/2012 صدر أخيراً قرار نهائي عن محكمة الاستئناف (الرئيس ايمن عويدات) في كل من الاستئنافين المقدمين مني طعناً بالقرارين التأديبيين المزعومين التي أبطلتهما بعد مرور زهاء عشر سنوات عليهما. ثم استوفت نقابة المحامين مني الرسوم النقابية عن الاعوام من 2004 الى 2012 التي كانت تمتنع عن استيفائها.

لكن الدعوى الجزائية التي نشأت عن ادعاء جوزف معماري في 9/8/2003 لم يتم الفصل بها بعد لأن القاضي المنفرد الجزائي كان قرر ضم الدفع الشكلي الذي ادليت به امامه استناداً للمادة 79 ت.م.م. الى الاساس فاستأنفت قراره في حينه لكن محكمة الاستئناف لم تبت بإستئنافي حتى 12/2/2015 مع أنني:

– قدمت الاستئناف في 6/7/2005.

– وختمت المحاكمة بالاستئناف في 4/3/2010 وعينت المحكمة يوم 25/11/2010 موعداً لإصدار الحكم.

وفي 12/2/2015 قررت محكمة الاستئناف رد استئنافي شكلاً لأنها اعتبرت قرار الضم للاساس، الذي حرمني من الدفع الشكلي الذي يعطيني الحق به القانون، من القرارات الادارية غير القابلة للطعن ! فقدمت استدعاء تمييز في 20 نيسان 2015 لم يتم النظر به بعد.

وكنت، وفي هذه الأثناء، تقدمت بدعاوى عديدة في شأن الاعتداءات القضائية التي تعرضت لها بعد حجز حريتي فتم البت ببعضها بالامعان في انتهاك القانون سواء في بعض مراحل الدعوى او في كلها وتم تجاهل البعض الآخر الذي ما يزال عالقاً. وكل ذلك هو جزاء لي للتجرؤ على المطالبة بالنزاهة في القضاء وقبولي ترشيح الزملاء لي نقيباً للمحامين.

ولأنني ما زلت معرضاً للاعتداء القضائي على مختلف المستويات، فإنني سوف اكشف في رسائل قادمة ما تعرضت، وما زلت اتعرض، له حتى اليوم من إنتهاك للقانون.
ولن أنام على استمرار هذا الضيم.