نـــــــداء ـــــ نــــــــداء: لتطهير الادارة والقضاء

الفساد لغةً هو نقيض الصلاح. وان الطعام الفاسد أو الشراب الفاسد غير صالح للتناول، والهواء الفاسد هو غير صالح للتنفس. وإن إزالة الفساد لا تكون إلا بالتخلص من الفاسد. والتطهير لغةً هو استعادة الطهارة بإزالة الرجس.

وليس الفاسد هو من يطلب الرشوة او يتلقاها فحسب. وليست الرشوة هي الوجه الوحيد للفساد. فإن الاداري الفاسد او القاضي الفاسد هو الذي لا يصلح للقيام بوظيفته سواء لضعف الاهلية او لقلة الكفاءة، او الذي يخالف واجبات الوظيفة بالامتناع عن تطبيق القانون او بإنتهاك نصوصه الواضحة والصريحة او بإختراع قواعد قانونية لا وجود لها او بإساءة استعمال السلطة او بالتعسف في تطبيقها او بإغتصابها او الذي يسلك مع المواطنين سلوكاً لا يحترم فيه كرامتهم او شرفهم او يخل بحقوقهم الدستورية والانسانية والقانونية ولا سيما منها حقهم في المساواة عملاً بالمادة 7 من الدستور والمادة 7 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان وحقهم في الحرية كما تكرسه المادة 8 من الدستور والمادة 8 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان، أو يخالف شعار الثورة الفرنسية الخالد: حرية، مساواة، إخاء.

وفي الآونة الاخيرة فإن بعض كبار المسؤولين والسياسيين والمرشحين تبنى شعار “ مكافحة الفساد ” في حين ان المطلوب هو التخلص من الفاسدين بتطهير الادارة والقضاء منهم لتجنيب الناس شرورهم. وإن احداً من المسؤولين لم يطرح مطلب التطهير. بل اشترط رئيس الجمهورية على كل من ينسب الفساد الى احد في الادارة او القضاء ان يقيم الدليل على فساده.

وإنني جئت أطرح مطلب تطهير الادارة والقضاء من كل الفاسدين.
علماً بأنه أُجريت في بعض العهود السابقة، ومنها عهدا الرئيس الحلو والرئيس شمعون، حركة تطهير واسعة في الادارة والقضاء بعد استصدار التشريع الذي اجاز صرفهم من الخدمة ورفع الحصانة عنهم. ولا بدّ ان الحكومة استندت آنذاك في تحديد اسماء الذين تم صرفهم من الخدمة الى المعلومات التي توافرت لها من مختلف الاجهزة الرسمية مثل التفتيش المركزي والتفتيش القضائي والامن العام ومخابرات الجيش وسواها، بما تملكه من الملفات وما تحتوي عليه تلك الملفات من وثائق وأدلة ضد الفاسدين.

وفي الماضي فإنني اطلقت مبادرة من اجل استعادة النزاهة في القضاء مما ادى الى تقديم عدد كبير من الدعاوى ضدي توصلاً الى حجز حريتي وانزال مختلف انواع الاذى بي، بما في ذلك اطلاق زعم انني انتحل صفة محام. لكن الرد على هذا الظلم الصارخ جاء سريعاً من مختلف مؤسسات وجمعيات حقوق الانسان الدولية والوطنية والكتاب والمواطنين اللبنانيين والاجانب. وأَذكر ان مجلس المطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الكاردنال صفير اصدر بياناً طالب فيه، وقبل التعرض لي، بالتحقيق في ما اعلنته عن اعمال الفاسدين وما أملك عليهم من أدلة.

واليوم، وتجاوباً مع رغبة رئيس الجمهورية بجمع الادلة، مع ان الاجهزة الرسمية ليست عاجزة عن القيام بالمهمة التي تولتها بنجاح في عهدي الرئيس الحلو والرئيس شمعون، وكان في امكان فخامته تكليفها بذلك، فإنني وانطلاقاً من الادلة المتوافرة لي حتى اليوم، سوف أقوم بتجميع المزيد من الادلة من المجتمع المدني ولا سيما من المحامين والقضاة وسائر المواطنين وذلك من أجل تكوين ملف او ملفات بكل الاسماء ووسائل الاثبات المتوافرة.

وأدعو جميع المواطنين في لبنان والعالم الذين يملكون ملفات او وثائق او ادلة اخرى على تورط أي إداريٍّ فاسد او قاضٍ فاسد في لبنان ان يضعوها بتصرفي مع حفظ سرية مصدرها ان شاء.

وعندما يكتمل كل من الملفات، فإنني لن أعلن اسماء أحدٍ من الفاسدين المشتبه بهم بل سوف أترك هذه المهمة الى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة بأن ارفع اليهم الملف الذي يكون قد تكوّن طالباً من كل منهم بكل إصرار إجراء ما يلزم من تطهير في الادارة والقضاء يتناول كل أولئك الفاسدين.

آملاً استجابتكم جميعاً.