من هو دائماً تحت سقف القانون؟

أوجه هذا السؤال بصورة عامة إلى كل مقيم في لبنان، وبصورة خاصة إلى كل من يتولى، أو يشارك في تولي، السلطات الدستورية الثلاث: التشريعية منها والتنفيذية والقضائية، وبصورة أكثر تحديداً إلى من يفترض أو يؤمل أن تتكون منهم النخبة وهم الكتّاب وأساتذة الجامعات والمدرسون والمعلمون في المدارس ورجال الإعلام والصحافة ورجال القانون وأعضاء سائر نقابات المهن الحرّة.

ومن المعلوم أن الإنتقاد غير مسموح به في لبنان ما لم يكن عمومياً. فإنه من المسموح أن يُنادى بإسقاط الفساد، دون تسمية الفاسدين، أو بإسقاط حكم الزعران والحرامية، دون تسمية من هو الأزعر ومن هو الحرامي.

أما إذا أصبح الإنتقاد خصوصياً، أي بتسمية الفعل الذي يؤلف فساداً، وتسمية الفاعل، فإن الصعوبة ليست في الإثبات فحسب بل في التسليم بمبدأ أن يجوز لأي كان إثبات أن أحداً من كبار القوم أو المحيطين بهم إرتكب فعلاً مخالفاً للقانون لأنهم جميعاً فوق سقف القانون لا تحته.

فيصبح كل من تسّول له نفسه أن يسمي الفعل أو فاعله معرّضاً لكل أنواع ردودالفعل بقصد إقناعه وإقناع سواه ممن قد يهمهم الأمر أن لا نفع من المحاولة وأنها سوف ترتد بالسوء على كل من يقدم عليها.

إذن فمن الثابت أن حق الإنتقاد ممنوع إلا بشرط حجب الأفعال وتفاصيلها وتجهيل الفاعلين والإكتفاء بالعنوان العمومي وهو الفساد وما إلى ذلك.

وبما أن هذا النوع من الإنتقاد غير مجد ويؤلف نوعاً من ‘‘النق’’ المزمن، ولأن الفساد لا ينشأ إلا عن عدم الإلتزام بسقف القانون، فإنه حان الوقت لتوجيه السؤال إلى بعض أصحاب السلطة والمرشحين ليكونوا من النخبة:

هل أنتم دائماً تحت سقف القانون؟

ليس في كل الحالات بل في كل حالة على حدة يتم تحديدها بالتفاصيل والأسماء. وعلى سبيل المثال:

الحالة الأولى

السلطتان التنفيذية والقضائية و‘‘النخبة’’ مجتمعة في شخص
الوزيرة القاضية الدكتورة أليس شبطيني تعلن:
لا تقولوا لي القانون!

أجرت جريدة اللواء في عددها الصادر في 29 آذار 2016 مقابلة طويلة مع القاضية والوزيرة الدكتورة أليس شبطيني، جاء فيها:

‘‘لا تقولوا لي القانون، هناك قرار سياسي … ألم تسمعوا بإحالة مسؤولين من أوروبا وأمريكا إلى القضاء بفعل الفساد؟ والفارق أن هناك دولاً تحاسب وأخرى لا تحاسب. أليس من المعيب أن تكون هيئة التفتيش المركزي معطلة في لبنان؟’’.

وعندما قرأت هذا النص فهمت منه أن ما تعنيه الدكتورة شبطيني هو أكثر من هيئة تفتيش واحدة، وأن الدكتورة في الحقوق، وهي من النخبة، وقاضية في التمييز وتتولى حقيبتين في مجلس الوزراء احداهما بالاصالة والأخرى بالوكالة، تجزم بعدم قيام القانون. فتأملوا.