الخطأ بتعيين وفد للتفاوض مع صندوق النقد الدولي بالإستناد إلى المادة 52 من الدستور

أوردت وسائل الإعلام ان السيدين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء قررا وبالإستناد إلى المادة 52 من الدستور تعيين لجنة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي وانهما طلبا من مجلس الوزراء أخذ العلم بذلك.

ولكن، وبمراجعة المادة 52 من الدستور يتبين انها تتحدث عن عقد المعاهدات الدولية، أي المعاهدات فيما بين الدول ذات السيادة. وليس الصندوق من الدول ذات السيادة بل هو مرفق خاص أقامته الدول الأعضاء في الإتفاق الذي أنشأه ومنها لبنان. فيستحيل عقد معاهدة دولية معه.

وأما تعيين لجنة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي فإنه من أعمال السلطة التنفيذية التي تنيطها المادة 65 من الدستور بمجلس الوزراء مجتمعاً. لا سيّما وان سلطة تعيين موظفي الدولة تعود لمجلس الوزراء وحده وبالتالي اللجان. وليس رئيس الجمهورية من مجلس الوزراء ولو ترأس جلساته عندما يحضر. وهي احدى المفارقات الغريبة التي أنتجها الطائف.

وان أخذ العلم من جانب مجلس الوزراء بتعيين اللجنة المذكورة يؤلف قرار تأييد ملزم له، إلا ان موضوع المعاهدات الدولية هو من المواضيع الأساسية التي تحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء الحكومة مما يتطلب التصويت على مشروع قرار بهذا المعنى. وهو ما لم يحصل.

ومن الساطع أن المفاوضات تكون بطرح مندوبي كل طرف فيها موقف الجهة الأصلية وبإتخاذ موقف من موقف الفريق الآخر. وتشترط المادة 52 من الدستور على أن ما تنتهي إليه المفاوضات، وبعد موافقة رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، يخضع لموافقة مجلس الوزراء وبالنسبة للمعاهدات التي تتضمن شروطاً مالية وتجارية فإن الموافقة النهائية هي من صلاحية مجلس النواب وحده الذي يبرم المعاهدة بقانون.

وأهم من كل ما تقدم هو تحديد سياسة الحكومة اللبنانية وأهدافها من التفاوض مع صندوق النقد الدولي ومواقفها من طروحات الصندوق، مما يقع ضمن الصلاحية الحصرية لمجلس الوزراء مجتمعاً والتي نصّ عليها البند الأول من المادة 65 من الدستور وهي وضع سياسة الدولة في جميع المجالات. وهو ما لم يحصل.

وكل ما تقدم يسطع بأن القرار المشترك الذي اتخذه الرئيسان أخطأ بالإستناد إلى المادة 52 من الدستور وهو غير ملزم للدولة اللبنانية. وإن السير بهذا الخطأ يمهّد لقيام سلطة ثنائية جديدة فوق السلطة التنفيذية تتألف من رئيسي الجمهورية والوزراء، الأمر الذي ينتهك الدستور.