تعليق على قرار محكمة الإستئناف في 21/5/2015 بتكريس ‘‘سلطة’’ لمجلس نقابة المحامين بالشطب الإداري

1- في 21/5/2015 أصدرت محكمة الإستئناف في بيروت المؤلفة بموجب المادة 79 من قانون تنظيم مهنة المحاماة قراراً في الطعن الذي قدمه المحامي الدكتور نقولا فتوش على القرار الإداري الصادر عن مجلس النقابة بشطبه. فقضت بفتح المحاكمة ووقف تنفيذ القرار المطعون به ورد طلب التدخل المقدم مني. وان موضوع هذا التعليق هو الجزء من منطوق القرار المتعلق برد طلب التدخل وبتكريس سلطة مجلس النقابة في الشطب الإداري .

2 – وكنت اسندت صفتي ومصلحتي في طلب التدخل الى أن القرار المطعون به يرسي قواعد جديدة ومبتكرة في علاقة النقابة مع المحامين طبقتها على المحامي الاستاذ فتوش وإذا صدقتها محكمة الاستئناف فإنها سوف تطبق على جميع المحامين وأنا منهم.

3 – مع ان محكمة الاستئناف إستشهدت في قرار 21/5/2015 بالحكم الذي أصدرته لصالحي في 25/6/2012 ضد نقابة المحامين في بيروت وأنصفتني فيه، فإنها اعتبرتني دون مصلحة مشروعة في طلب التدخل وسيء النية والزمتني بتعويض نقابة المحامين بمبلغ عشرة ملايين ليرة لبنانية بعد ان كانت النقابة طلبت خمسين مليون ليرة لبنانية عن العطل والضرر المزعوم الذي تسببت لها به بطلب التدخل.

4 – وأين سوء النية وكيف تكون النقابة أصيبت بالعطل والضرر من السببين/المبدأين القانونيين الجوهريين اللذين ادليت بهما في طلب تدخلي وهما:

السبب الاول: ان النظام الداخلي لنقابة المحامين لا يعلو على القانون ولا يمكنه ان يعطي النقيب أو مجلس النقابة صلاحيات لا يعطيها لأي منهما قانون تنظيم مهنة المحاماة ومنها الشطب خارج نطاق المادة 31 منه.

السبب الثاني: لا يجوز تجاهل حق الدفاع حتى ولو كانت للمجلس صلاحية الشطب الاداري، هذا الحق الجوهري والانساني الذي كرسته المادة 372 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي جاء فيها:

“ لا يصح على الاطلاق، إصدار الحكم ضد خصم لم يجرِ سماعه أو يمكن من إبداء دفاعه.”

5 – وإن مسألة علو القانون على النظام الداخلي للنقابة كانت جوهرية في الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف لصالحي في 25/6/2012 وأبطلت فيه قرار مجلس تأديبي مزعوم في كانون الثاني 2003 بشطبي، هذا القرار الذي تم استعماله للإدعاء عليّ جزائيا” بالاستناد الى مواد في النظام الداخلي مخالفة للقانون وحجز حريتي ومحاولة منعي من ممارسة المهنة والتعميم على كل المحاكم بذلك بواسطة رئيس مجلس القضاء الاعلى وملاحقة زملائي في المكتب تأديبيا” لأنهم مثلوني وانا محجوز الحرية في سجن رومية. وقد إستغرق النزاع مع النقابة زهاء تسع سنوات أصبت خلالها بأضرار مادية ومعنوية بالغة حتى أصدرت محكمة الاستئناف مشكورة هذا القرار الذي رفعت به الظلم عني. وما تزال مطالبتي بالتعويض عن عطلي وضرري مطروحة ضد الدولة اللبنانية والنقابة وبعض القضاة.

6 – ومما يؤسف له ان محكمة الاستئناف كرست في قرارها المذكور السلطة المزعومة لمجلس النقابة في الشطب الاداري. فجاء في الفقرة الحكمية لقرارها المذكور:

“ 3 – تكريس سلطة مجلس نقابة المحامين الاداري في الاشراف على شؤون النقابة ومراقبة توافر شروط الانتساب الى النقابة بشكل مستمر ودائم لا سيّما جهة توافر شروط المادة 5 من قانون تنظيم مهنة المحاماة طوال فترة إنتساب المحامي الى النقابة.”

وهذا ما كنت أخشاه وهو في رأيي يضرّ بمصلحة المحامين عموما” وانا منهم وهو ما دفعني الى طلب التدخل.

7 – فهذا المنطوق يؤلف تشريعا” قضائيا” بتكريسه سلطة لا وجود لها في نص قانون تنظيم مهنة المحاماة، في حين ان المادة 3 من قانون أصول المحاكمات المدنية صريحة في انها تمنع على القاضي ان يضع أحكامه في صيغة الانظمة.

8- وإن القاضي لا يكرّس شيئا” بل يفصل في النزاع على ضوء النصوص الصريحة والواضحة للقانون. وعند غموض النص فله ان يفسره. وعند إنتفائه فعليه ان يعتمد المبادئ العامة والعرف والانصاف. أما الشطب فلا يتم عن طريق التفسير بل يتطلب نصاً صريحاً وواضحاً لا ليس فيه. وهذا ما لا ينص عليه القانون خارج إطار المحاكمة التأديبية إلا عند التأخر في دفع الإشتراكات لثلاث سنوات متوالية وعدم تسديدها بالرغم من الإنذار.

9 – كما أخطأت محكمة الاستئناف بالقول ان مجلس النقابة هو السلطة التي أناط بها القانون “ اعلان صفة المحامي”. ذلك أن قانون تنظيم مهنة المحاماة واضح في ان صفة المحامي هي سابقة لقيام النقابة وشرط مسبق لوجودها ! راجع المادتين 4 و32 منه وهذا نصهما:

“ م 4 – للمحامين في لبنان نقابتان نقابة في بيروت ونقابة في طرابلس.

تسجل في نقابة بيروت اسماء المحامين المتخذين مكاتب لهم …

م 32 – تتألف كل من نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس من المحامين المنتسبين اليها والمقيدين في جداولها.”

10 – وهناك مآخذ قانونية أخرى على قرار 21/5/2015 الذي أنهى الدعوى بالنسبة لي لكنني لم أتناولها بالتعليق في الوقت الحاضر بإنتظار صدور القرار النهائي عن محكمة الإستئناف في النزاع الدائر بين المحامي الدكتور نقولا فتوش ونقابة المحامين في بيروت.