في التعاميم وتأثيرها على تحقيق رسالة العدالة وحقوق الانسان

تصدر عن مجلس القضاء الاعلى من وقت لآخر تعاميم للقضاة يبقى مضمونها سرياً وتنشر في مكان مقفل على غيرهم من موقع المجلس على الانترنت. كما يصدر عن نقيب المحامين، وأحياناً عن سواه من أعضاء مجلس النقابة، تعاميم للمحامين ومنها التعميم الاخير المؤرخ في 9/12/2016 الذي نشرته بعض الصحف كبيان. وأرفق صورة عنه ربطاً للاطلاع.

وفي الحالتين، فإن من الخطأ إصدار مثل هذه التعاميم. فبالنسبة لمجلس القضاء الاعلى، فإنه لا يتولى السلطة القضائية بل ينحصر دوره في نطاق الصلاحيات التي نص عليها قانون التنظيم القضائي. أما السلطة القضائية فيتولاها القضاة، كل في نطاق إختصاصه. وعلى كل منهم، بالاستقلال، ان يطبق القانون، وعند غموض النص القانوني تفسيره وعند إنتفاء النص إعتماد المبادئ العامة والعرف والانصاف. وكل ذلك لا يتم الا بتوافر شروط النزاهة والحياد وبهدف وحيد هو تحقيق رسالة العدالة.

أما بالنسبة للمحامين، فإن المادة الاولى من قانون تنظيم مهنة المحاماة تعرّف هدف هذه المهنة بأنه تحقيق رسالة العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق. وتعترف المادة الثانية منه بدور المحاماة في تنفيذ الخدمة العامة. والمحامون. كالقضاة، مستقلون في القيام بواجبهم ولا يلزمون بالتقيّد بتوصيات موكلهم الا بقدر قناعتهم.
إذن فإن الهدف المشترك للقضاة والمحامين هو تحقيق رسالة العدالة. ومن شروط هذا المسعى ان يكون علنياً ويتسم بالشفافية. فتكون جلسات المحاكم علنية وكذلك مرافعات المحامين. وتشترط تلاوة الاحكام علناً والا تكون باطلة، وللمحامين إعطاء الرأي القانوني سواء علناً داخل قصر العدل أو خارجه دفاعاً عن الحقوق ومساهمة في الخدمة العامة. وكل منهم، وبالطبع يتمتع بحرية الرأي قولاً وكتابة التي كفلتها لهم المادة 13 من الدستور والمادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان وبحق المساواة أمام القانون عملاً بالمادة 7 من الدستور والمادة 7 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

وكل ذلك يتعارض مع فكرة التعميم. وقد إستقر إجتهاد مجلس شورى الدولة على انه ليس للتعميم أية قوة الزامية. فلا يلزم القاضي بالتقيّد بتعاميم مجلس القضاء الاعلى. ولا يلزم المحامي بالتقيد بتعاميم نقيب المحامين. ولا يحق لأحد أن ينتقص من حريات المحامي وحقوقه المضمونة بقانون تنظيم المحاماة والدستور والاعلان العالمي لحقوق الانسان.

فأتمنى التوقف عن هذه الممارسة.