في وجوب فصل الوظائف المتعددة للقاضي جان فهد

جاء في مطلع المرسوم رقم 1570 تاريخ 10/10/2017 بإجراء المناقلات والتعيينات القضائية:

“ المادة الاولى: تشكل غرف محكمة التمييز على النحو التالي:

السيد جان فهد رئيساً أول (كذا) بموجب المرسوم رقم 9111 تاريخ 16/10/2012.”

ويلي ذلك تعداد لرؤساء عشرة غرف تمييزية مع مستشاريها وليس من بين الرؤساء اسم للقاضي السيد جان فهد.

وبالرجوع الى المرسوم 9111 في 16/10/2012 الصادر في عهد الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي، يتبين أنه نقل القاضي جان داود فهد من الرئاسة الاولى لمحكمة الاستئناف في بيروت وعينه رئيساً أول (كذا) لمحكمة التمييز. وعندما كان القاضي فهد الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف في بيروت فإنه كان يرأس الغرفة الاولى فيها.

وبالرجوع الى المادة 27 من قانون القضاء العدلي يتبين ان الرئيس الاول يرأس غرفة من غرفها وله ان يرأس أية غرفة أخرى فيها.

إذن فإن هناك شرطاً مسبقاً لأن يصير أي قاضٍ الرئيس الاول لمحكمة التمييز، وهي ان يرأس غرفة من غرفها. وهذا الشرط جرى تجاهله في حالة القاضي السيد جان داود فهد كما في حالة بعض من سبقوه. لكن الخطأ في تطبيق القانون لا ينشئ قانوناً.

وإن الرئيس الاول هو بلا جدل الاول بين رؤساء متساوين ولكل منهم غرفة يرأسها. وليس في الامر من وظيفتين. وإذا لم يعين القاضي، كخطوة أولى، رئيساً فلا يمكن له ان يصبح، كخطوة ثانية، الرئيس الاول.

ولما لم يسمي المرسوم 1570 القاضي السيد جان داود فهد رئيساً لغرفة من غرف محكمة التمييز فإنه أصبح دون وظيفة قضائية. وهذا شئ خطير. ذلك أن القاضي هو من يرأس محكمة تصدر عنها أحكام. لا سيّما وان الرئيس الاول يرأس حكماً الهيئة العامة لمحكمة التمييز المؤلفة من رؤساء الغرف في محكمة التمييز.

فيقتضى، تصحيحاً لوضع القاضي فهد، وبادئ ذي بدء، تعيينه رئيساً لأحدى غرف محكمة التمييز.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن القاضي السيد جان داود فهد هو، بحكم رئاسته لمحكمة التمييز، رئيس مجلس القضاء الاعلى، ذي المهام الادارية، ورئيس المجلس العدلي، وهو محكمة جزائية. ويتولى القاضي فهد أيضاً، فيما خص محكمة التمييز، الصلاحيات المالية والادارية التي تنطيها القوانين والانظمة بوزير العدل. أي أن ذلك يجعله، بصورة غير مباشرة، جزءاً من مجلس الوزراء الذي يمارس السلطة التنفيذية. وعلاوة على كل ذلك فإن القاضي فهد يشغل وظيفة خارج إطار القضاء العدلي، وهي رئاسة محكمة الاوقاف المسيحية الاستثنائية. ويؤلف كل ذلك مسألة معقدة يقتضى حلّها بأن لا تجمع كل تلك الوظائف في شخص واحد.

لذا أرى أنه من الاصلح لحسن سير القضاء ان يُعيّن رئيس متفرغ لكل من مجلس القضاء الاعلى ومحكمة التمييز والمجلس العدلي ومحكمة الاوقاف المسيحية، وان تمارس الصلاحيات الادارية والمالية التي ينيطها القانون بالوزير، فيما خص محكمة التمييز، برئيس أو أحد أعضاء مجلس القضاء الاعلى ينتدبه المجلس لهذا الغرض مداورة، وان يحظر على قضاة التمييز، رؤساء ومستشارين، تولي وظائف في محاكم أو لجان أخرى سواء داخل اطار القضاء العدلي او خارج هذا الاطار.