قرار خطير لمحكمة إستئناف جبل لبنان يظلم المحامي بإساءة تفسير مهلة مرور الزمن على بدل أتعابه

صدر مؤخرا” عن محكمة الاستئناف في جبل لبنان قرار في شأن إحتساب مدة مرور الزمن على دعوى أتعاب المحامين. ففسّر الفقرة الثالثة من المادة 352 موجبات وعقود بأنها تعني ان مهلة مرور الزمن على أتعاب المحامين في الدعوى تبدأ لدى إنتهاء كل مرحلة من مراحلها بحكم نهائي.

وبما أن هذه المدة هي سنتان فإن حق المحامي في بدل أتعابه عن دعوى مرت في المراحل الثلاث: البداية والاستئناف والتمييز يخضع لمرور الزمن لدى إنتهاء كل مرحلة.

ويعني ذلك أن بدل أتعاب المحامي عن المرحلة الابتدائية يسقط بمرور الزمن بعد سنتين من تاريخ صدور القرار النهائي فيها عن محكمة الدرجة الاولى. وكذلك الامر عن المرحلة الاستئنافية. فإذا لم يطالب المحامي موكله ببدل أتعابه عن كل مرحلة بصورة تقطع مرور الزمن فإن حقه فيه يسقط.

وقد صدر القرار في 26/2/2015 عن الغرفة التاسعة في محكمة إستئناف جبل لبنان برئاسة القاضية رندى كفوري. (النص الكامل منشور على موقعنا على حدة).

أذكر بنص الفقرة المنوه عنها:

“حق دعوى المحامين ووكلاء الدعاوى من أجل أجورهم وسلفاتهم. وتبتديء المدة المشار إليها منذ صدور الحكم النهائي أو من تاريخ عزلهم من الوكالة.”

وإن التفسير الذي توصلت إليه محكمة الاستئناف في جبل لبنان لا اساس له في النص القانوني ويظلم المحامي دون مبرر ويتناقض مع ثلاثة أمور:

الامر الاول: ان نص الفقرة الثالثة المذكورة لا يتضمن بعد عبارة “الحكم النهائي” عبارة “ في كل
مرحلة من مراحل الدعوى”.

الامر الثاني: نصت المادة 348 موجبات وعقود في فقرتها الاولى:

“ المادة 348 ــــــ لا يبتديء حكم مرور الزمن إلا حين يصبح الدين مستحق الإداء”.

الامر الثالث: وجوب تبليغ الحكم النهائي للمحامي كشرط مسبق لإنطلاق مهلة مرور الزمن.

كما يتناقض هذا التفسير الخطير مع أحكام قانون تنظيم المحاماة التي تكرس حق المحامي ببدل أتعابه عن الدعوى كوحدة واحدة لا كمراحل وتجعل من بدل أتعاب المحامي دينا” ممتازا” يسبق الحقوق العينية التي تسجل بعد طلب بدل الاتعاب.

وعندما تعيد المحكمة من عندها كتابة النصوص الواضحة والصريحة أو تتجاهلها بحجة التفسير فإن ذلك يؤلف الخطأ المهني الجسيم. ففي دعوى مخاصمة قضاة أمام محكمة التمييز السورية أبطلت المحكمة قرارا” صادرا” عن محكمة الاستئناف في ريف دمشق. وجاء في قرارها:

“وحيث أنه لا يوجد في الملف ما يشير الى ان المحكوم عليه مزيد قد تبلغ الحكم الصلحي المذكور وإنه ولئن كانت المادة 114 أصول محاكمات (إذا حضر المدعي أو المدعى عليه في أي جلسة أعتبرت الخصومة وجاهية في حقه ولو تخلف بعد ذلك) إلا أن المادة 221 أصول محاكمات قد نصت (تبدأ مواعيد الطعن في الاحكام الصلحية من اليوم الذي يلي تفهم الحكم إذا كان وجاهيا” ومن اليوم الي يلي تبليغه إذا كان بمثابة الوجاهي) وإن نص هذه المادة صريح لا يقبل أي تفسير أو إجتهاد.

وحيث إن إجتهاد محكمة النقض السورية قد إستقر على أنه يقتضي الاخذ بالنصوص الواضحة وفقا” لقصد المشرع ولا تجيز إستبعاد تطبيقها بحجة التفسير وإن عدم مراعاة المبادئ الاساسية في تفسير القانون وتطبيقه ينطوي على خطأ مهني جسيم (محامون 1983 ص 895 القاعدة 521).

وحيث أن المحكمة مصدرة القرار موضوع المخاصمة بردها الاستئناف شكلا” دون الاخذ بعين الاعتبار نص المادة 221 أصول محاكمات يؤيد الحكم صدر بمثابة الوجاهي يعتبر خطأ مهنيا” جسيما” يؤدي الى إبطال القرار المخاصم.”

(القرار رقم 422/2001 أساس 819/2001 في 11/12/2001، الرئيس حنا عبد النور المستشاران محمود سليمان ورجاء الله الخطيب، المحامون، العددان 1 و2 لعام 2003 ــــــ السنة 68، ص 17 ــــــ راجع نص الحكم المنشور على موقعنا نقلا” عن العدد الموجود في مكتبة نقابة المحامين في بيروت).

ولا بد من مواجهة هذا التحدي لحماية حقوق المحامي في بدل أتعابه بأربعة وسائل على الاقل وهي:

أولا”: أن يتقدم المحامي صاحب العلاقة بدعوى مسؤولية الدولة بالتعاون مع نقيبي المحامين في بيروت وطرابلس.

ثانيا”: أن تتدخل نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس بهذه الدعوى تأييدا” للطلبات فيها.

ثالثا”: ان تطلب النقابتان من وزير العدل تكليف هيئة القضايا بأن تقدم جوابا” على الدعوى فور تقديمها بتأييد الطلبات فيها.

رابعا”: ان تطلب النقابتان في موقف مشترك من المراجع الرسمية الصالحة تقديم مشروع قانون بتعديل المادة 352 موجبات وعقود لإيضاح ان الحكم النهائي المقصود هو آخر حكم يفصل في الدعوى كائنا” ما كانت المرحلة التي صدر فيها، وان المهلة لا تبدأ إلا من تاريخ تبليغه الى المحامي.

وأنني أدعو كل الزملاء للمشاركة في حملة نقابية واسعة من أجل رفع الظلم عن المحامين بإبطال قرار محكمة الاستئناف المنوه عنه عن طربق دعوى المسؤولية المنوه عنها ولإقرار هذا التعديل الايضاحي.