كتاب مفتوح الى القضاة ؟

أُفكّرُ في تحرير كتاب مفتوح الى القضاة. فهل تساعدني على صياغته ؟

ومن جهتي، فهذا بعض ما ارغب في قوله لكل قاض في لبنان والعالم.

أ ـ عامل المحامي بالاحترام كما يعاملك بالاحترام

1 – ان المحامين يستحقون من القضاة ذات القدر من الاحترام الذي يستحقه القضاة منهم.

2 – وان الاحترام لا يكون بتبادل التحيات فحسب بل بإحترام دور كل من المحامين والقضاة ومهمته في السعي الى تحقيق العدالة والمساواة فيما بينهم جميعاً. فلا يتميز قاض على محام، ولا يتميز محام على قاض، الا بإحترام النفس اولاً والقانون ثانياً.

ب ـ لا تتخطى حدود ولايتك فتنعدم قراراتك

3 – ان السلطة القضائية لا تتألف من القضاة وليسوا بأصحابها، بل انهم من المراجع التي تمارسها، فلا يجوز لك أيها القاضي ان تمارسها إلا في حدود ما يعطيه لك القانون من ولاية في نصوص صريحة.

4 – وليس من حقك ان تبسط ولايتك خارج نطاق النص الصريح للقانون. فإذا فعلت، فإن فعلك يكون معدوم الوجود ولا يعطي اي اثر وهو والعدم سواء.

ج ـ احرص على الحياد وعدم تكوين الرأي المسبق

5 – يعطي بعض القضاة الانطباع بأنهم كونوا رأياً مسبقاً عن الدعوى منذ بداية المحاكمة. ومنهم من يؤيد شكوك المحامين بإصدار القرارات التمهيدية التي تدفع الدعوى في اتجاه يؤيد رأيهم المسبق.

6 – ان تكوين الرأي المسبق قبل ختام جلسة المرافعة النهائية يدل على عدم الحياد ويعطي الحق في طلب رد القاضي.

د ـ احترم حق الدفاع !

7 – ان حق الدفاع هو الحق الذي يولي المتقاضي عرض قضيته كما يشاء بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، تقديم الطلبات كما يشاء وتقديم الادلة والتوسل بالمحكمة للوصول الى الادلة الموجودة تحت يد اطراف الدعوى او اشخاص ثالثين كما يشاء والتعبير عن وجهة نظره كما يشاء والحصول على الوقت الذي يحتاجه لممارسة هذا الحق.

8 – ومن حق الدفاع الحق في الاستعانة بشهادة الشهود واستجواب اطراف الدعوى بالذات.

9 – وإن اول ما يحفظ للخصوم القدرة على ممارسة حق الدفاع احترام قاعدة سيادتهم على الدعوى كما هي مكرسة بالمادة 363 أ.م.م.

10 – فأحرص أيها القاضي على عدم تقييد حرية المحامين في ممارسة حق الدفاع دون أي تعسف.

ه ـ تقيّد بقاعدة الوجاهية

11 – وبقدر ما يجتهد المحامي في عرض قضية موكليه بالاستشهاد بأحكام القانون، فإن عليك ايها القاضي ان تناقش ما يثيره المحامي أو يطرحه من نقاط قانونية. ولا يحق لك ان تتجاوز هذه النقاط والمسائل بأن تطرح في قرارك ما يناقضها من عندك الا إذا سبق ان عرضت وجهة نظرك على المحامي كما يكون سبق ان عرض وجهة نظره عليك.

12 – ولا تستقبل متقاضياً دون حضور وكيله ولا وكيل متقاض دون حضور وكلاء سائر المتقاضين.

و ـ اقرأ ملف الدعوى قبل ان تجلس على منصة القضاء فيها

13 – انه لمما يؤسف له كثيراً ان هناك شبه اجماع من القضاة على عدم قراءة ملف الدعوى الا بعد جلسة ختام المحاكمة ! فكيف يجوز ذلك ؟

14 – ومنهم من لا يقرأ اللوائح والاستدعاءات التي يتم تقديمها لدى تقديمها.

15 – فكيف تستطيع يا حضرة القاضي ادارة محاكمة لم تقرأ ملفها ؟

16 – فإن من واجبك مراجعة الملف قبل كل جلسة وقراءة كل لائحة وكل استدعاء يقدم في القلم فور تقديمه والبت بكل طلب يتضمنه حتى لا يضطر المحامي الى مراجعتك في الامر.

ز ـ دقق صحة الوكالات ووثائق التبليغ

17 – ان حضور المحامي بموجب وكالة صحيحة كما وتبليغ اوراق الدعوى بموجب اجراءات تبليغ صحيحة هما من شروط انعقاد الخصومة وممارسة حق الدفاع ولا علاقة لهما بأساس النزاع. وعلى القاضي تدقيقهما بكل عناية قبل المضي في أي اجراء آخر.

18 – فأما لجهة الوكالة فمن الواجب ابلاغ صورة عنها الى كل الخصوم في الدعوى اما مع الاوراق وإذا لم تكن هناك من اوراق فقبل موعد الجلسة بمهلة لا تقلّ عن مهلة الجواب. وعلى القاضي مراجعتها للتأكد من تطابقها مع الشروط التي يفرضها قانون كتابة العدل وقانون الموجبات والعقود، وإلا لا يقبل حضور من ابرز وكالة غير مطابقة للشروط كافة.

19 – وأما لجهة التبليغات ووثائق التبليغ كافة فإن على القاضي اولاً ان يلزم الخصوم والمباشرين ايداع محاضر التبليغ عملاً بالمادة 406 أ.م.م. خلال 24 ساعة على الاكثر من اجرائها تحت طائلة عدم ضمها الى الملف. ولا تقبل محاضر التبليغ التي يبرزها المحامون في الجلسة. فإن واجب الايداع عملاً بالمادة 406 أ.م.م. يتيح لسائر الخصوم مراقبة صحة التبليغ واتخاذ الموقف المناسب منه قبل موعد الجلسة.

20 – كما ان على القاضي ان يراقب بدقة صحة وثائق التبليغ شكلاً ومضموناً وتطابقها مع شروط المادة 397 أ.م.م. وما يليها وايضاً، ولجهة الاجراءات الجزائية، شروط المواد 147 ـــ 149 أ.م.ج. وفي حال لحظ أي تزوير فيها عدم قبولها واحالتها الى النيابة العامة المختصة لإجراء ما يلزم من ملاحقة في شأنها.

ح ـ ابتعد عن قرارات الضم الى الاساس

21 – كثيراً ما يقرر القضاة ضم بعض الطلبات الى اساس النزاع في حين ان معظم الطلبات قبل ختام المحاكمة هي طلبات اجرائية.

22 – وعندما تضم طلباً اجرائياً الى الاساس فإنك تكون بذلك قد حرمت المتقاضي من حق الدفاع.

ط ـ احرص على تعليل قراراتك وتسبيبها

23 – من المحزن ان بعض القضاة في لبنان يكتبون قرارات وجيزة من نوع:

“ بعد الاطلاع: نقرر رد الطلب لعدم القانونية ”.

أو

“ بعد الاطلاع: نقرر رد الطلب بالشكل الذي تم تقديمه فيه ”.

24 – لكن التعليل هو واجب لا يمكن تخطيه. وإنني اطالب كل قاض بأن يقرأ المادة 537 أ.م.م. بكل عناية وبأن يطبقها بكل دقة. فهي توجب تعليل القرارات تحت طائلة البطلان. ولا يمكن التعليل قبل عرض كل ما قدمه الخصوم من اسباب دفوع ودفاع وطلبات، وما طرحوه من مسائل، وما قدموه من الادلة والحجج القانونية.

25 – ولا يمكن التوصل الى منطوق القرار القضائي الا انطلاقاً من الاسباب الناتجة عن التعليل والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً به.

ي ـ لا تتدخل في أعمال القلم

26 – ان المادة 389 أ.م.م. تنيط برئيس القلم او الكتاب تقبل كل الاوراق من استحضارات ولوائح واستدعاءات ومستندات مع اعطاء ايصالات بها وقيدها. وعملاً بالمادة 451 أ.م.م. فإن اصدار وثائق التبليغ مناط برئيس القلم أو الكاتب خلال مهلة 24 ساعة من استلام الاوراق القضائية وذلك تحت طائلة العقوبة التأديبية.

27 – لكن بعض القضاة يأمرون القلم بعدم استقبال او تبليغ اية اوراق الا بعد موافقتهم عليها بموجب قرار منهم !

28 – وبدلاً من مراجعة القلم بكل شأن يتعلق بإجراءات الدعوى، فإن المحامي غالباً ما يجد نفسه مضطراً لمراجعة القاضي مما يجبره ايضاً على ترصد اوقات وجوده في المكتب. وكثير من القضاة لا مكاتب لهم.

29 – فأحرص ايها القاضي على عدم التدخل في اعمال القلم وتركه يقوم بكل واجباته التي ينص عليها القانون.

ك ـ وبصورة عامة، إحرص على تطبيق القواعد التي نصت عليها قوانين اصول المحاكمات

30 – بالاضافة الى ما تقدم، فإن اصول المحاكمات نصت على احكام وقواعد غالباً ما يتجاهلها المحامون والقضاة.

31 – ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، مهل الجواب والتبادل.

32 – واهمها القاعدة التي لا تجيز تعيين جلسة الا بعد اكتمال التبادل. وهذه الجلسة لا تعقد الا بهدف سماع الشهود والاستجواب او للمرافعة.

33 – اما الجلسات التي يتم فيها تبادل الاوراق فهي غير جائزة لان تبادل الاوراق يجب ان يحصل في القلم فحسب.

34 – فأحرص، أيها القاضي، على التقيّد، وافرض التقيّد، الدقيق بأحكام قوانين اصول المحاكمات المدنية منها والجزائية والادارية.

فما رأيك ايها الزميل ؟ وهل لديك ما تعارضه أو تضيفه ؟