كيف تم منع ترشيح المحامي محمد مغربي نقيباً للمحامين

انتهت مهلة تقديم الترشيحات لعضوية مجلس النقابة بما فيها مركز نقيب المحامين في الإنتخابات النقابية التي ستجرى في تشرين الثاني المقبل . وبهذه المناسبة ، فإن من حقي أن أذكر الزملاء جميعاً بما تعرضت له قبل عشر سنوات عندما رشحني عدد كبير منهم لعضوية النقابة ونقيباً للمحامين ، فتم منعي من ذلك بقرار صادر عن نقيب المحامين آنذاك باسم مجلس النقابة . وأيدت هذا القرار ، في جهل مطبق بالقانون أو فعل تحيز لا سابقة له ، محكمة الإستئناف برئاسة السيد الياس بو ناصيف ومن ثم الهيئة العامة لمحكمة التمييز برئاسة الرئيس الاول السابق طانيوس الخوري .


ففي 25 أيلول 2003 وقع خمس وسبعون من الزملاء المحامين على عريضة موجهة الى مجلس النقابة بموجب المادة 47 من قانون تنظيم مهنة المحاماة بترشيحي لعضوية مجلس النقابة ولمركز نقيب المحامين في الإنتخابات التي كانت ستجرى في تشرين الثاني 2003 . فامتنع موظفو النقابة عن استلامها مع التصريح بأن النقيب آنذاك السيد ريمون شديد أعطى تعليماته بالإمتناع عن استلام أية أوراق تتعلق بي ، الأمر الذي أوجب إرسال العريضة المذكورة بواسطة الكاتب العدل عادل أبي راشد في اليوم نفسه برقم 3898/2003 .

وفي 8 تشرين الاول 2003 وقع النقيب السابق شديد على قرار برفض الترشيح بزعم أنني لم أعد مقيداً في الجدول العام .

فإستأنفت هذا القرار في 10/10/2003 أمام محكمة الإستئناف في بيروت الغرفة الثانية عشرة برئاسة القاضي الياس بو ناصيف التي ارتأت أنه كان عليّ أن أوجه استئنافي في وجه المرجع الذي أصدره ‘‘ والمفترض أنه مجلس نقابة المحامين ’’ . وبما أنني لم أخاصم ذلك المجلس فإن المحكمة قررت رد الإستئناف شكلاً !

فتقدمت بدعوى مسؤولية الدولة عن أخطاء القضاة العدليين التي قامت الهيئة العامة لمحكمة التمييز برئاسة الرئيس الاول السيد طانيوس الخوري بردها استناداً للتعليل الذي اقتطف منه التالي دون أي تعليق :

‘‘حيث أن المدعي ينسب الى القرار المشكو منه ارتكاب الخطأ الجسيم :
1- بقوله أنه يجب أن يوجه الإستئناف ضد المرجع الذي اصدر القرار وهو مجلس نقابة المحامين في بيروت عملا بالمادتين 48 و 49 ت.م.م. وبالتالي برده الإستئناف شكلاً لعدم توجيهه ضد هذا المرجع .

2- باعطائه صفة الخصم لمجلس نقابة المحامين .

3- باعتباره أن لهذا المجلس الشخصية المعنوية .

وحيث أنه للهيئة العامة في معرض ممارستها اختصاصها في نطاق دعوى مقاضاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن أعمال القضاة العدليين ، مراقبة قانونية الأحكام الصادرة عن القضاة والحل القانوني الذي اعتمدوه ، وان رقابتها تقتصر على عملهم ومسلكيتهم في معرض اصدارهم لقراراهم .

وحيث ان ما ينسبه المدعي الى القرار المشكو منه لا يشكل الخطأ الجسيم الذي يفترض ان لا يقع فيه قاض يهتم بواجباته الإهتمام العادي إذ انه لا ينم عن اهمال واضح ومفرط أو عدم تبصر وروية أو جهل مطبق للقانون ، ذلك بقطع النظر عن الحلول القانونية المعتمدة في القرار.

وحيث ان الاسباب المدلى بها لاسناد دعوى المسؤولية المبنية على الفقرة الرابعة من المادة 741 أ.م.م. تكون غير جدية مما يوجب عدم قبول الدعوى .’’ !!!

وفي هذا الشأن ، جاء في الفصل الثاني من كتابي : ‘‘ طريق الحق لا توحشني ’’ الصادر في العام 2004 :

‘‘ يحلو لنقباء المحامين التنويه بدور النقابة في الدفاع عن الحريات والحقوق . ولكن ، هل يمكن للنقابة ، في وضعها الحالي ، لعب مثل هذا الدور بالفعل ؟ في رسائله الى المنظمات الدولية المعنية بحكم القانون وحقوق الانسان ، هاجمني النقيب السابق شديد بإيراد مزاعم متعددة عني لا أساس لها من الصحة ، ومن بينها أنني لجأت الى سلطات دينية لدعم حملتي ’’ في حين أن النقابة ‘‘ علمانية ’’ . لكن الناس جميعاً ، ولا سيما منهم المحامون ، يعرفون تماماً من هو الطائفي ومن هو غير الطائفي ، ويعرفون تماماً موقعي أنا بالذات في شأن هذه المسألة . فهل صحيح أن نقابة المحامين في بيروت هي علمانية ؟ أين الدليل على ذلك ؟

وما هو الذنب الذي ارتكبته ؟ لقد زرت البطريرك الماروني الكردنال صفير مع وفد من لجنة ترشيحي. لم ألجا اليه كسلطة دينية كما زعم شديد ، بل أراد زملائي من وراء الزيارة طرح مسألة طائفة النقيب بصورة جدية أمام أرفع مرجع ديني ماروني . فهل إن طائفة نقيب المحامين هي جزء من التوزيع السياسي الشامل في البلاد ؟ أم إن النقابة لا دين لها ولا يهم المحامين الى أية طائفة انتمى نقيبهم ؟ ولو كنت طائفياً لزرت مفتي الجمهورية اللبنانية ولربما حصلت منه على تصريح بتأييدي لأنني مسلم سني ، وهذا ما لم أفعله . فكيف يمكن تصنيفي بأني من الطائفيين ؟ ويظهر أن زيارة البطريرك الماروني اعتبرت تحدياً طائفياً غير مقبول ، وقد تكون … عززت مطلب توقيفي وسجني .

وفي الواقع فإن النقابة التي تحمل إسم بيروت ، ومنذ تأسيسها وحتى اليوم ، لم يترأسها محام مسلم بيروتي ، ولا محام مسلم غير بيروتي . وكانت الأكثرية الساحقة من النقباء من الطائفة المارونية من خارج بيروت : شديد من حمانا ، وخطار من قضاء زغرتا ، وقرطباوي وأبي اللمع من المتن ، وقليموس من جبيل ، أما ليان ( كاثوليكي) فهو من زحلة .

ولجهة مجلس نقابة المحامين ، فإن أكثرية أعضائه هي دائماً من الموارنة ، وأكثر من ذلك ، فإن معظم أعضاء المجلس يأتون من خلفيات حزبية وهي احزاب مسيحية ذات أغلبية مارونية ، مما يفسر التركيز الذي تتميز بها البيانات التي يصدرها المجلس في المناسبات السياسية . وعلى كل حال فإن عدد غير المسيحيين فيه لا يتجاوز ( ولم يتجاوز تاريخياً ) الإثنين .

فهل يتم هذا بالصدفة دائماً وأبداً وعبر ما يناهز القرن الكامل من تاريخ النقابة ! ’’