لوقف إضراب المحامين

جاء في المادة 7 من قانون أصول المحاكمات المدنية ان الدعوى هي الحق لكل ذي مطلب بأن يتقدم به الى القضاء للحكم له بموضوعه. ويكون حق الادعاء وحق الدفاع لكل شخص طبيعي أو معنوي، لبناني أو أجنبي.

وإشترطت المادة 378 من القانون المذكور على كل من المتداعين الاستعانة بمحام في القضايا التي لا قيمة معينة لها او تتجاوز قيمتها المليون ليرة لبنانية. وترد كل دعوى غير مقدمة بواسطة محام.

وذلك في حين

ان الدستور اللبناني أكّد إلتزام لبنان بالاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي سبق ان تم ابرامه وإبرام العهود الدولية المثبتة عنه في مجلس النواب كمعاهدات دولية.

وفي حين

ان الاعلان المذكور تضمن من حقوق الانسان ما نص عليه ولا سيما في المواد 7 و8 و9 و10 منه التي جاء فيها:

  1. الحق في التمتع بحماية القانون بالتساوي.
  2. الحق في اللجوء الى المحاكم الوطنية لانصافه من اعمال فيها اعتداء على الحقوق التي يمنحها له القانون.
  3. الحق في ان لا يقبض عليه أو يحجز أو ينفى تعسفاً.
  4. الحق، على قدم المساواة التامة مع الاخرين، في ان تنظر قضيته امام محكمة مستقلة نزيهة وعادلة نظراً علنياً للفصل في حقوقه وواجباته.

وفي حين

ان المادة 20 من الدستور تحفظ للمتقاضين، الى جانب القضاة، كل الضمانات اللازمة.

وفي حين

ان قانون تنظيم مهنة المحاماة نص في مادته الاولى على ان مهنة المحاماة تهدف الى تحقيق رسالة العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق ونص في مادته الثانية على ان المحاماة تساهم في تنفيذ الخدمة العامة التي هي مناطة اساساً بالدولة ولا سيّما بمحاكمها التي تمارس السلطة القضائية فيها.

فيكون من الثابت

ان كل القواعد السابق ذكرها موضوعة لخدمة الانسان والدفاع عن حقوق الانسان، لا لخدمة القضاة او المحامين.

وإذا أضرب المحامون فإنهم وفي الحقيقة والواقع يضربون عرض الحائط بحقوق الانسان لأن الإضراب يكون موجهاً ضد موكليهم اصحاب الحقوق والدعاوى وينتهكون واجباتهم في تحقيق رسالة العدالة.

كما انهم، وبالإضراب، يمارسون حقاً لا يعود لهم. فإن الاضراب هو توقف الاجراء عن العمل من أجل تحقيق مطالب عمالية في وجه ارباب عملهم وليس الموكلون والقضاة ارباب عمل المحامين ليتناولهم الإضراب.

أما إذا كان الاضراب من النوع السياسي فإن مجلس النقابة ليس بالحزب السياسي، ويضرّ استمرار الاضراب بقضية حماية وإحترام حقوق الانسان ويسيء إستعمال الامتياز الحصري الذي أولاه القانون للمحامين بمنع تقديم الدعاوى أو السير فيها من دونهم. ومن الواضح أن قانون تنظيم مهنة المحاماة لا يولي مجلس النقابة صلاحية إعلان الإضراب ولا سلطة التعامل مع كل من يخالف قرار الإضراب عن طريق الملاحقة التأديبية.

ويلاحظ أن مجلس النقابة لم يطرح أية مطالب محددة للإضراب سوى المطلب الذي طُرح أخيراً وهو إقرار مشروع قانون استقلال القضاء، الذي يشكو من عيوب كثيرة، في مجلس النواب.

لكل ما تقدم، فإنني أدعو الى الرجوع عن الإضراب والدعوة الى مؤتمر مشترك بين المحامين والقضاة لطرح مظالم وهواجس الطرفين، بعضهم تجاه البعض الآخر، من جهة وشكاوى الناس منهما معاً، من جهة أخرى، وذلك بصورة صريحة وشفافة ومن أجل التوصل الى الحلول التي تصب أولاً في مصلحة المتقاضين وحماية حقوق الانسان وفي ذات الوقت تعزز قدرة المحامين على المساهمة الفاعلة والجدية في إعلاء رسالة العدالة مادياً ومعنوياً والاستمرار في ممارسة هذه المهنة الشريفة برؤوس مرتفعة.

وأول هذه الحلول هو تطهير القضاء وجدول المحامين وتطبيق قانون أصول المحاكمات المدنية بكل أمانة وصدق وفرض احترام القانون نصاً وروحاً. فقد وُضع القانون ليطبق لا ليتم تجاهله دون خجل.