لوقف الإنزلاق إلى حكم الإرهاب

عندما كتبت دراستي التي تحمل العنوان أعلاه، لم يكن قد تسنى لي الإطلاع على نصّ مرسوم إحالة حدث مرفأ بيروت إلى المجلس العدلي. ذلك أن الأعداد في الجريدة الرسمية التي لحقت تاريخ المرسوم المذكور في 11/8/2020 لم يتم نشرها بعد وهي من العدد 34 إلى العدد 39 ضمناً لأسباب مجهولة.

لكنني تمكنت عن طريق مركز المعلوماتية القانونية في الجامعة اللبنانية من الحصول على صورة للقرار المذكور التي تبين أنه صدر بناءً لإقتراح وزير العدل وجاء فيه:

‘‘ أحيلت جريمة الإنفجار الذي وقع بتاريخ 4/8/2020 في مرفأ بيروت على المجلس العدلي’’.

يعني ذلك انه من المؤكد أنه لم تتم إحالة دعوى كما تشترط المادة 360 أ.م.م. بل أحيلت ‘‘جريمة’’. ومن قال لمجلس الوزراء ان في الأمر جريمة؟ وهل ان مجلس الوزراء هو مرجع صالح لتوصيف حدث 4 آب 2020 بأنه فعل جرمي وان له فاعل؟ ذلك ان مثل هذا الإستنتاج لا يمكن لأي مرجع التوصل إليه سوى المحكمة التي ستصدر حكماً في دعوى الحق العام بعد أن يكون تحريكها قد تمّ بصورة صحيحة من المرجع الصالح وهو النائب العام الإستئنافي في بيروت الذي لا صلاحية له لأن يرى في الحدث سوى ‘‘شبهة’’، وصدر قرار عن قاضي التحقيق الذي ليس له أن يرى فيه سوى ظن وإلا، وفي حالة المحقق العدلي، سوى تهمة.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا بدّ من التحذير من خطر التسرع والوقوع في الأخطاء الفادحة مثل تلك التي ارتكبها المحقق العدلي المعيّن في قضية إغتيال السيد رفيق الحريري وهي إصدار مذكرات توقيف بأربعة من كبار الضباط (ومنهم اللواء جميل السيد) وحجز حريتهم زهاء أربع سنوات ظلماً وتعسفاً ودون أساس قانوني. وفي الحالة الحاضرة تمّ توقيف عدد كبير من الناس منهم بعض كبار الموظفين دون مبرر وتمّ الإدعاء على إدارة عامة تابعة للدولة هي إدارة إستثمار مرفأ بيروت، التي لا شخصية معنوية مستقلة لها، حتى أن رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت قررت حجز أموالها، أي أموال الدولة، بمخالفة النص الصريح للمادة 860 أ.م.م. التي تمنع الحجز على أموال الدولة والهيئات ذات الصفة العامة.

وكان على وزيرة العدل الإنتباه إلى هذا الخطأ القانوني الفادح وبالتالي عدم توقيع مرسوم الإحالة وعدم إصدار قرار، بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى، بتعيين محقق عدلي وكلا العملين، المرسوم والقرار، هما معدوما الوجود وصدرا دون أن تكون هناك من دعوى وهما عرضة للطعن مع طلب الإبطال من أصحاب المصلحة.