يا مرحباً بضابط الشرطة وزيراً للعدل إذا حمل المكنسة

وزير العدل في الجمهورية هو وزير القانون . وهو منصب خطير غالباً ما تولاه محامون وإلى درجة أقل قضاة كبيرون عاملون أو متقاعدون . ومنهم من كان أو أصبح رئيساً للجمهورية مثل الشيخ بشارة الخوري ، أو تولى رئاسة الوزراء كالرئيس سامي الصلح والرئيس عبد الله اليافي .

في الوزارة الجديدة برئاسة الرئيس تمام سلام ستة من كبار المحامين ، بينهم نقيبان سابقان ، وقاضية كبيرة متقاعدة ، أي ما مجموعه سبعة من رجال القانون . لكن وزارة العدل فيها انيطت بالمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي . فما هو مغزى هذا الإختيار ، وهل أن وزير العدل الجديد هو أول ضابط شرطة رفيع الرتبة يتولى هذه الوزارة ؟

في 23 أيار 1975 عين رئيس الجمهورية سليمان فرنجية الزعيم نور الدين الرفاعي رئيساً للوزراء ووزيراً للعدل . وكان متقاعداً بعد ان كان أول مدير عام لقوى الأمن الداخلي في الإصلاح الذي أدخله الرئيس فؤاد شهاب على الدرك والشرطة النظامية . فدامت حكومة الزعيم الرفاعي ووزارته حتى أول تموز 1975 . فيكون اللواء أشرف ريفي ثاني مدير عام متقاعد لقوى الأمن الداخلي يتولى هذا المنصب .

لا تعنيني ماهية المناورات السياسية التي أدت إلى فوز اللواء ريفي بوزارة العدل متخطياً منافسيه الستة من رجال القانون والقاضية الكبيرة 0

لكن ما يعنيني هو أن حالة النظام القضائي اللبناني بلغت من التردي ما عجز عن معالجته الوزراء السابقون للريفي وآخرهم محاميان كبيران وثلاثة قضاة . فلا بدّ أن الأقدار شاءت كفّ يد رجال القانون عن هذه الوزارة لعلة العجز .
وللأسف فإنه ليس بعيداً عن واقع الحال أنه إذا تولى محام وزارة العدل فإنه يهتم بتوثيق علاقات مكتبه، أو حمايته، ضمن البيئة التي ألفها بدلاً من التجرؤ على محاولة إدخال تغيير جذري عليها . وإذا تولى الوزارة قاضِِِ فإنه يمتثل لواجب التضامن مع زملائه القضاة في تلك البيئة التي ألفها بدوره .

ولا يختلف إثنان أن في قصور العدل وساخة تنتظر منذ الزمن البعيد من ينظفها مما عجز عنه وزراء العدل السابقون . فإذا كان من الصعب أن ينجح في هذه المهمة الشاقة رجال القانون فلماذا لا يتولاها ضابط الشرطة الرفيع الرتبة ؟

فإذا وضع اللواء الريفي مسدسه الاميري جانباً وحمل بدلاً منه المكنسة ليطال بها مكامن الفساد التي يعلم بوجودها في قصور العدل ، أو سيأتيه العلم اليقين بها ، فيا مرحباً به وزيراً للعدل ولو غضب لذلك أعداؤه الكثيرون !

مع مودتي .

المحامي محمد مغربي